(ذكرى)علينا أن نعود إلى الله ونترك المعاصي كي يعصمنا ربّنا من شر الخوارج والإرهابيين

الموضوع في 'المنبر الإسلامي العام' بواسطة الأندلسي, بتاريخ ‏7 ديسمبر 2009.

  1. الأندلسي

    الأندلسي غفر الله له ولوالديه طاقم الإدارة

    (ذكرى)علينا أن نعود إلى الله ونترك المعاصي كي يعصمنا ربّنا من شر الخوارج والإرهابيين


    الشيخ عبدالحميد العربي الجزائري




    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين كالخوارج المارقين، والمرجئة المفرطين، ودعاة الحزبية الزائغين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله.

    أما بعد:

    إن الهمّ الذي ألمّ بالمسلمين في الجزائر البيضاء، وما حلّى بهم من رعب وفزع بعد أن نسوا فصوله، وطووا أيامهم؛ يجعلهم يحاسبون أنفسهم، ويوثقون علاقتهم بربهم جل جلاله، ويتخلون عن المعاصي والبدع، فإن أهل الشرك والبدع والإجرام والإرهاب لا يقدرون أن يتسلطوا على أهل الاستقامة والعبادة إلا حين يتركون بعض ما أمر الله به، ويقعون في بعض ما نهى عنه تعالى مولانا، وقد أخبر الله تعالى عن حال النصارى لما تنكبوا التعاليم الربانية، واعتنقوا البدع والرهبنة والفجور جاءهم ما يوعدون فقال تعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ).

    يا أبناء الأمة رعاكم الله من كل بلية: إن الانفتاح على الغرب، والتبادل الثقافي بين الأمم، والنمو الاقتصادي لا يعني بحال أن نتملص من ديننا، ونترك الفرائض، وننغمس في المحرمات، من غناء ماجن، واختلاط فاجر، وتبرج سافر وما شابه ذلك من البوائق، فإن الانفتاح المصحوب بسخط الله عاقبته وليمة، ونهايته أليمة، وكسره لن يجبره البنك العالمي، ولا المساعدات الدولية؛ قال تعالى في سورة الأنعام (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ).

    ولقد ضرب الله تبارك وتعالى بسبأ مثلا، إذ كانوا يعيشون آمنين في بلاد لهم فيها آية؛ جنتان عن يمين وشمال، فلما أعرضوا عن دين الله، وغرقوا في المحرمات مزقهم كل ممزق وجعلهم أحاديث، وعبرة لكل من أراد أن يعتبر؛ وفي ذلك يقول عز وجل: [لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ. ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ، فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ] [سبأ15-19].

    إنّ انتشار المعاصي في المجتمع يا أبناء الأمة، وظهورَ فقاقيع البدع والشرك مؤشر وجيه لزوال نعمة الأمن، وحلول نقمة الخوف، وتمكن أهل الشر من الإرهابيين من رقاب أهل الخير.

    فقد أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد(1/86) بإسناد صحيح قال: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: (لما فُتحت قبرص فُفرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعزّ اللهُ فيه الإسلام وأهلَه؟ فقال: ويحك يا جبير؟! ما أهون الخلق على الله عزّ وجل إذا أضاعوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).

    وقال أبو البختري أخبرني من سمع النبي يقول: (لن يهلِك الناس حتى يَعذِروا -يُعذِروا- من أنفسهم).[ إسناده صحيح: أخرجه الإمام أبو داود (برقم4347/كتاب الملاحم)، والإمام أحمد في المسند (4/260)، (5/293) وأبو القاسم عبد الله البغوي في (الجعديات) (1/ 62 برقم 132)، والحسين بن مسعود البغوي في شرح السنة (14/349 برقم 4157) من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري به.]

    ومعنى (يعذروا من أنفسهم)؛ أي تكثر ذنوبهم وعيوبهم، ويَتركون العمل بالحق بعد ظهوره فيستوجبون العقوبة.

    وعن عبد الله بن عباس، عن رسول الله ، فيما روى عن ربّه؛ قال: قال رسول الله (...ولا يَهْلِكُ على الله تعالى إلاّ هَالكٌ).[ إسناده صحيح على شرط مسلم؛ أخرجه الإمام أحمد (1/279)، وأبو عوانة (1/84-85)، وابن منده في الإيمان (1/495 برقم381) من طريق جعفر بن سليمان، حدثنا الجعد أبو عثمان، عن أبي رجاء العُطاردي، عن ابن عباس به.وأصل الحديث بدون الزيادة في الصحيحين.]

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في المجموع: (وإذا كان في المسلمين ضعف، وكان عدوهم مستظهرًا عليهم؛ كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم: إما لتفريط في أداء الواجبات باطنًا وظاهرًا، وإما لعدوانهم بتعدي الحدود باطنًا وظاهرًا، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا)، وقال تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) وقال تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ).

    وقال الإمام ابن القيم: (فلو رجع العبد إلى السبب والموجِب؛ لكان اشتغاله بدفعه أجدى عليه، وأنفع له من خصومة من جرى على يديه، فإنه - وإن كان ظالمًا - فهو الذي سلطه على نفسه بظلمه، قال الله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)

    وقال الإمام ابن القيم أيضًا: (وكذلك النصر والتأييد الكامل إنما هو لأهل الإيمان الكامل، قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) وقال تعالى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)، فَمَنْ نَقَصَ إيمانه؛ نَقَصَ نصيبه من النصر والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عَدُوٍّ عليه؛ فإنما هي بذنوبه: إما بترك واجب، أو فِعل محرم، وهو مِنْ نَقْص إيمانه).

    وقال رحمه الله كما في الصواعق: (وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)، ويجيب عنه كثير منهم بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الآخرة، ويجيب آخرون بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الحجة.

    والتحقيق:... أن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل، فإذا ضَعُف الإيمان؛ صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بحسب ما تركوا من طاعة الله تعالى، فالمؤمن عزيز، غالب، مؤيَّد، منصور، مَكْفِيٌّ، مدفوع عنه بالذات أين كان ولو اجتمع عليه مَنْ بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته، ظاهرًا وباطنًا، وقد قال تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وقال تعالى: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)، فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم، التي هي جُنْدٌ من جنود الله، يحفظهم بها، ولا يفردها عنهم، ويقتطعها عنهم، كما يَتِرُ الكافرين والمنافقين أعمالهم، إذا كانت لغيره، ولم تكن موافقة لأمره).اهـ.

    فالله أسأل أن يطهر أوطاننا من البدع والمعاصي، وأن يرزق أهلها الإيمان الخالص، والعمل الصالح، وأن يجنب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الفتن والمحن والإحن، إنه ربي تعالى ولي ذالك والقادر عليه.

    والحمد لله رب العالمين.

    وكتبه ذكرى للمؤمنين عبد الحميد أحمد العربي.
     
  2. منة الله

    منة الله طاقم الإدارة إداري

    بارك الله فيك
    جعله الله في ميزان حسناتك
    اللهم احفظ بلادنا واهدي ضالنا واهدنا جميعا الى سواء السبيل
     
  3. فارس الاسلام

    فارس الاسلام طاقم الإدارة مشرف

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
     
  4. الأندلسي

    الأندلسي غفر الله له ولوالديه طاقم الإدارة

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
     

مشاركة هذه الصفحة